خيركم من تعلم القرآن وعلمه

سنقطف لكم اليوم اخوتي في الله من بستان الأحاديث النبوية حديث (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، لنرى سوياً مدى صحة الحديث وأيضا ندرك شرحه ونتعلم منه فوائد جمة.

 

متن الحديث

قال حجاج بن منهال، ثنا شعبة، أخبرني علقمة بن مرثد، سمعت سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه، عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: “خيركم من تعلم القرآن وعلمه”. 

 

 صحة حديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه

  • راوي الحديث: عثمان بن عفان (رضي الله عنه).
  • محدث الحديث: البخاري.
  • مصدر الحديث: صحيح البخاري 5027.
  • حكم المحدث: صحيح.

 

شرح حديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه

(خيركم من تعلم القرآن وعلمه):

أسلوب خطاب عام من الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة، حيث يخبرهم فيه بأن خير الناس هم من جمعوا بين تعلم القرآن وتعليمه، لكون تعلم القرآن وتدبره وفهم علومه من أشرف العلوم وأنفعها للأمة.

فالمقصود من تعلم القرآن هنا ليس مقصوراً فقط على حفظ آياته، بل العلم هنا يشمل تعلمه لفظاً ومعنى.

 

حيث يشمل النوع الأول: التعلم اللفظي هو إقامة اللفظ الحرف في القرآن، ويدخل في هذا العلم علم التجويد والقراءات واللغة وحفظ كتاب الله عز وجل. 

وكل هذا فيه أجر ومنافع عديدة للمسلم وللأمة

أما النوع الثاني: التعلم المعنوي وهو العلم المعني به تدبر القرآن وفهم معانيه، ودراسة علوم القرآن، التي يدرس فيها المسلم المحكم والمتشابه في آيات الله عز وجل وأسباب النزول. 

وغيرها الكثير من علوم القرآن التي تربط قلب المسلم بكلام ربه، فلا يكن علاقته به مجرد حفظ كلمات وحسب، بل يضاعف الإيمان ويزيل الكثير من الشبهات بفهمه وتدبره

 لهذا فهو أفضل علوم الأرض وأجلها والأحب لقلوب المؤمنين.

كما يدخل في علوم القرآن علم تفسير كتاب الله عز وجل وتدبر معانيه، والتطلع على المعاني النفسية التي يتم استخراجها بالتدبر والتفقه في الآيات ليصبح القرآن له يوم القيامة لا عليه.

لذلك قال رب العزة في كتابه: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِن الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (سورة إبراهيم : 2)

لذلك كله جعل الله عز وجل منزلة أهل القرآن متعلمين ومعلمين أرفعهم منزلة عنده سبحانه، وفي درجة أعلى المسلمين وأرفعهم ذكراً في الدنيا والآخرة.

، لذلك قال القرطبي (رحمه الله): (قال العلماء: تعليم القرآن أفضل الأعمال؛ لأن فيه إعانةً على الدِّين، فهو كتلقين الكافر الشَّهادةَ ليسلم).

 

(وأقرأ أبو عبد الرحمن في إمرة عثمان -رضي الله عنه- حتى كان الحجاج، …)

فمن شدة تأثر أبو عبد الرحمن السلمي بقول الرسول صلى الله عليه (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، جلس يعلم الناس من زمن إمرة عثمان بن عفان إلى زمن الحجاج بن يوسف الثقفي وهي مدة طويلة من الزمن.

  (مقعدي هذا):

وقد قيل فيها أما طول المدة التي جلس يعلم فيها عبد الرحمن السلمي القرآن فيها، أو المنزلة والمكانة التي وصل له من فضل تعلمه وتعليمه كلام الله عز وجل للمسلمين.

أقرا أيضا:
إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها

إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه

شرح حديث السلام عليكم دار قوم مؤمنين

فوائد حديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه

هناك الكثير من الفوائد والعبر التي  يمكن أن نستحضرها من قوله صلى الله عليه وسلم (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) منها ما قاله لنا الشيخ عبد السلام الشويعر(حفظه الله) ولخصها في النقاط التالية:

  • أن أعلم الناس معرفة بكتاب الله عز وجل هم الصحابة رضوان الله عليهم، ثم يليهم التابعين ومن أعلم  التابعين بالإقراء هو عبد الرحمن السلمي باتفاق المقرئين. 

فانظر عندما سمع هذا الحديث (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، قال جملته الجميلة (ذلك الذي أقعدني مقعدي هذا) فحينما سمع هذا الحديث لزم معناه وعني بتعليم الناس كتاب الله عز وجل لمدة أكثر من أربعين سنة.

  • أن أخير الناس من تعلم القرآن وعلمه، وأخير الأوقات المنقضية في الطاعات والعبادات في تعلم القرآن وتعليمه للناس. 
  •  صدق نوايا العبد عند تعلم القرآن وتعليمه من أكثر الأمور التي يجب عليه أن يحرص على المجاهدة والصبر عليها، لأن المنافق الذي يبغى سمعة ورياء بتعلم القرآن تعليمه في الدنيا أتى عليه هذا العلم بالبلاء والعذاب يوم القيامة.
  • قول النبي صلى الله عليه وسلم (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، فيه دليل على أن المعلم والمتعلم في الأجر سواء، فإن في حلقات العلم أجرهم في الفضل والخيرية نفس الأجر. 
  •  استمرارية الأجر بعد التعليم، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من دعا إِلى هدى كان له مِن الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا رواه مسلم.
  • تعلم القرآن هو الإيمان به، فلا يتم كمال الإيمان إلا بفهمه وتعلمه 
  • تفضيل الرسول صلى الله عليه بالخيرية في تعلم القرآن، فهذا إن دل يدل على أن حفظ كتاب الله ليس فرض على كل مسلم ومسلمة، أما أنه عيب في حق كل متفرغ قادر على حفظ القرآن فيعاب يلام عليه ترك حفظ كتاب الله عز وجل.
  • إنما العلم الواجب من علوم القرآن هو العلم الذي يرفع عن المسلم الجهل ويزيل عنه الشبهات التي يلقيها عليه أعداء دين الله عز وجل، هنا يجب عليه التدبر والفهم لكي يحقق شرط الإيمان بكتاب الله عز وجل.
  • علامة رضى الله على العبد أن يجعله من العلماء بدينه المخلصين بعلمهم لله عز وجل، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين)، وأفضل العلم كتاب الله عز وجل، لذلك إن يسر الله باب العلم في القرآن فاعلم أن الله أراد بك خير في الدنيا والآخرة.
  • هناك مراكز تحفيظ تشكوا من قلة الحفظة والشغوفين بتحفيظ المسلمين كتاب الله وتعليمهم علوم القرآن، فلعل في حديثنا هذا (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) دافع لهم لتلقي العلم وتعليمه للمسلمين لاغتنام الأجر والمنزلة العظيمة من الله ولا سيما قوله صلى الله عليه وسلم: إِذَا ماتَ ابْنُ آدَم انْقَطَع عَملُهُ إلاَّ مِنْ ثَلاثٍ: صَدقَةٍ جَاريَةٍ، أوْ عِلمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أوْ وَلدٍ صالحٍ يدْعُو لَهُ رواهُ مسلمٌ.

أقرا أيضا:
إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها

إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه

شرح حديث السلام عليكم دار قوم مؤمنين

Scroll to Top