شرح حديث لو أحسنت إلى إحداهن الدهر

شرح حديث لو أحسنت إلى إحداهن الدهر

أكثر أهل النار

عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن، قيل أيكفرن بالله قال: يكفرن العشير ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط.

ثم عقد -رحمه الله- هذه الترجمة باب “كفران العشير كفر دون كفر”.

العشير أي الزوج، كفران العشير أن كفران الزوج والمراد كفران المرأة إحسان زوجها إليها وأن هذا الكفران للعشير من نقص الإيمان وضعف الدين ومن موجبات دخول النار وموجبات العقوبة، فعقد -رحمه الله تعالى- هذه الترجمة لبيان ذلك وهو خطورة كفران العشير بجحده ومعروفه إليها، وأن هذا من نقص الإيمان، وضده عدم إنكار المعروف والاعتراف به يعد من خصال الإيمان.

وهذا الكفر للعشير هو كفر دون كفر أي دون الكفر الأكبر الناقل من الملة فهو ليس كفرًا ناقلًا من ملة الإسلام.

بمعنى أنه من وقعت في ذلك لا تكون بذلك كافرا الكفر الأكبر

وهذا فيه تنبيه من الإمام البخاري -رحمه الله- إلى أنه قد يطلق الكفر في بعض النصوص ولا يراد به الكفر الأكبر، وهو يأتي في أحاديث كثيرة

مثل قوله ﷺ‏: «اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت».

كذلك قوله ﷺ‏ “لا تعودوا من بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض”

كذلك قوله ﷺ‏ “سباب المسلم فسوق وقتاله كفر”

يوجد أحاديث كثيرة من هذا القبيل يطلق الكفر ولا يراد به الكفر الأكبر الناقل من الملة.

 

شرح حديث لو أحسنت إلى إحداهن الدهر

أورد -رحمه الله- حديث ابن عباس -رضي الله عنه- قال: قال النبي ﷺ‏ أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن قيل أيكفرن بالله قال يكفرن العشير ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط.

في صلاة الكسوف رأى النبي ﷺ‏ النار حقيقًة بعينه ولما رآها رجع إلى الوراء وهو يصلي ولما أنهى صلاته سأله الصحابة عن هذا الرجوع، قال رأيت النار، وأخبر عن أشخاصٍ رآهم في النار، فرأى النبي ﷺ‏ النار حقيقة ورأى الجنة حقيقًة في صلاة الكسوف وهذا من دلائل وشواهد قدرة الله عز وجل.

“أكثر أهلها النساء” دليل على كثرة التفريط والإخلال وإضاعة أعمال الدين والواجبات في محيط الناس وكثرة وقوع ذلك، أيضًا أن هذا الدخول للنار هو الدخول بكبائر، لا توجب التخليد في النار دخول النار تطهيرًا لا تخليدًا،

 

لماذا النساء اكثر اهل النار يوم القيامه

لا شك أن ثمة سؤال يطرح نفسه؛ ما هو سبب ذلك، ما هو سبب أن أكثر دخول النار هو النساء فأجاب النبي ﷺ‏ على السؤال دون أن يُسأل وذلك من كمال نصحه وبيانه ﷺ‏ فقال “يكفرن” وفي رواية أخرى “بكفرهن” أي بسبب كفرهن

فكفر العشير والإحسان هو جحد النعم نعمة العشير والمحسن.

فكثير من النساء تجحد معروف زوجها وتقول له أنت دائم مقتر علينا وأنت بخيل وكذا وكذا وتبدأ تسوق من العبارات التي تجحد فيه إحسانه مع أنه أنفق وقدم وأحسن وبذل وأعطى ” لينفق ذو سعة من سعته “

فكثير من النساء في هذا الموقف لا تمالك نفسها، تكون معه في حال العطاء واليسار وإذا جاء موقف مثلًا من المواقف ولم يأت ما على خاطرها كفرت إحسانه وجحدت جميله،

قيل لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئًا، قالت ما رأيت منك خيرًا قط.

 

فهذا سماه النبي ﷺ‏ كفر دون كفر وهو من موجبات العقوبة ودخول النار، وهذا سبب من الأسباب في دخول النساء في النار وهو كفران العشير

 

وأيضًا ثمة سبب آخر نَصَّ عليه في حديث آخر وهو قضيه التبرج والسفور وإبداء الزينة والمحاسن هذه أيضًا من الأمور التي سبب في دخول النساء في النار.

عن عمارة بن خُزيمة بن ثابت قال: “كُنَّا مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رضي الله عنه- فِي حَجٍّ أَوْ عَمْرَةٍ، فَلَمَّا كُنَّا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ إِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ فِي هَوْدَجِهَا وَاضِعَةً يَدَهَا عَلَى هَوْدَجِهَا، فَلَمَّا نَزَلَ دَخَلَ الشِّعْبَ وَدَخَلْنَا مَعَهُ فَقَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي هَذَا الْمَكَانِ، فَإِذَا نَحْنُ بِغِرْبَانٍ كَثِيرٍ فِيهَا غُرَابٌ أَعْصَمُ أَحْمَرُ الْمِنْقَارِ وَالرِّجْلَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: “لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا كَقَدْرِ هَذَا الْغُرَابِ مَعَ هَذِهِ الْغِرْبَانِ”. (ورواه الحاكم في مستدركه)، وقال: “وَاضِعَةً يَدَهَا عَلَى هَوْدَجِهَا فِيهَا خَوَاتِيمُ”.

وذُكِر هذا الحديث في مثل هذا الموقف وأيضًا يوجد حديث آخر صحيح قال -ﷺ‏- [خير نسائكم الودود الولود المواتية المواسية ، إذا اتقين الله ]

وهذه دعوة ادعو بها الان أن يجعل نساءنا وأهلينا وبناتنا كلهم بهذه الصفة بمنه وفضله سبحانه.

وشر نسائكم المتبرجات المنافقات لا يدخلن الجنة إلا كقدر الغراب الأعصم وهو بمعنى الحديث المتقدم .

فإذا قضية كفران العشير هي قضية كبيرة جدًا، فبعض النساء مثلًا قد تكون محتشمة وتكون مصلية ومحافظة على أمور أخرى وطاعات أخرى لكنها تخلُّ بقضية العشير وتكفر إحسان العشير وهذا أمر يغضب الله.

فلابد للمرأة أن تنصح لنفسها وأن تتقي الله عز وجل وأن تصون لسانها،

وإذا كان عمرو -رضي الله عنه- وأرضاه رأى المرأة التي أحاط بها الهودج من جهاته الأربع ولا يُرى منها شيء، لكنه يدها خرجت ورأى الخاتم، وتَذَكْر الحديث.

إذا ماذا يقول لو رأى الحال في نساء هذا الزمان…؟!

ومثل هذه المعاني ينبغي أن تكون منتشرة بين النساء وأن يتواصى بالبر والتقوى وأن يتذاكرون بهذه المعاني وأن يذكر بعضهم بعضًا.

نسأل الله الكريم رب العرش العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العليا وبأنه الله الذي لا إله إلا هو رب العرش العظيم أن يصلح لنا نياتنا وذرياتنا وأهلينا بمنِّه وكرمه، وأن يبارك لنا في أولادنا وأزواجنا، وأن يهدينا إليه صراطًا مستقيمًا.

اللهم أصلح نياتنا وذرياتنا وأصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، اللهم رحمتك نرجو فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين وأصلح لنا شأننا كله لا إله إلا أنت.

اللهم اغفر لنا ولوالدينا و لمشايخنا والمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم  والأموات.

اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، ونسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك، ونسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك، ونسألك قلبًا سليمًا ولسانًا صادقًا.

اللهم إنا نسألك من خير ما تعلم، ونعوذ بك من شر ما تعلم، ونستغفرك من شر ما تعلم، إنك أنت علام الغيوب.

اللهم أقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا .

اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما حيينا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا آخر همنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا.

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا آله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

اللهم صلَّ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى وصحبه أجمعين.

[ مستفاد من كلام الشيخ عبد الرزاق البدر وفقه الله بتصرف ]

 

  • السؤال: قال كيف يكون كُفر النعمة؟ وما هو السبيل للتخلص من هذا كُفر النعمة؟ مر معنا في الحديث في الدرس الماضي من قوله (ﷺ) «أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أكْثَرُ أهْلِهَا النِّسَاءُ، يَكْفُرْنَ قيلَ: أيَكْفُرْنَ باللَّهِ؟ قالَ: يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، ويَكْفُرْنَ الإحْسَانَ»

فكفر النعمة؛ هو كفر الإحسان من أحسن إليك كالأب أو المرأة أحسن إليها زوجها أو الأخ أو العم أحسن إليك من شكر النعمة شكر هذا العشير أو هذا الذي أحسن إليك فإذا لم تشكره فقد كفرت بالنعمة هذا هو كفر النعمة، عدم الشكر، عدم تقدير هذا الشخص ومسؤوليته انفاقه ورعايته وإحسانه لك إنكار هذا الإحسان هذا كفر للنعمة، شكر النعمة أن تشكر هذا الذي أحسن إليك وتقدر له إحسانهُ و إلى ذلك من الأسباب.

[ جواب الشيخ إبراهيم المزروعي وفقه الله ]

 

كما ننصحك بقراءة التالي:

شرح حديث إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه

شرح حديث يفر بدينه من الفتن

شرح حديث لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه

Scroll to Top