شرح حديث اذا دخل اهل الجنة الجنة

اذا دخل اهل الجنة الجنة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين، أما بعد فيقول الإمام زين الدين أبو العباس أحمد بن أحمد بن عبداللطيف الزبيدي ” رحمه الله تعالى ” في كتابه التجريدي الصريح لأحاديث الجامع في كتاب الإيمان باب ” تفاضل أهل الإيمان في الأعمال “،  عن ابي سعيد الخضري رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال <<< يدخلُ أهلُ الجنَّةِ الجنةَ ، وأهلُ النارِ النارَ ، ثُمَّ يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ : أخرِجوا من كان في قلبِهِ مثقالُ حبَّةِ من خردَلٍ من إيمانٍ ، فيخرُجونَ منها قدِ اسوَدُّوا ، فيُلْقَونَ في نهرِ الحياةِ ، فينبُتونَ كما تنبُتُ الحِبَّةُ في جانِبِ السيلِ ، ألم ترَ أنَّها تخرجُ صفراءَ ملتويَةً >

 

 

شرح حديث إذا دخل اهل الجنة الجنة

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى أله وصحبه أجمعين، أما بعد، فهذه الترجمة باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال عقدها الإمام البخاري رحمه الله في كتابه الصحيح لبيان أن الأعمال أعمال الإيمان سواء منها، -الأعمال القلبية أو الاعمال الظاهرة- تتفاضل

وذلك أن أهل الإيمان ليسوا فيها سواء، بل بينهم تفاوت يتفاضلون تفاضل عظيم بحسب ما قام فيهم من خصال الإيمان وخلاله القلبية والظاهرة، بل إن العمل الواحد سواء كان عمل قلبي أو عامل ظاهر تفاوت فيه أهل الإيمان تفاوت عظيم.

مثلا الحياء، ستأتي ترجمة تلو هذه الترجمة عند المصنف في بيان أن الحياء من الإيمان، الحياء خصلة عظيمة وموضعه القلب، لكن أهل الإيمان يتفاوتون في الحياء، والصحابة رضي الله عنهم قالوا أن النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء خدرها، الناس يتفاوتون في الحياء، [ إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا ]، العلم والتقوى وموضعها القلب قال أتقاكم واتقى فعل تفضيل، فخصال الإيمان تتفاضل في القلوب وكذلك في الأعمال الظاهرة

أما تفاضلها في الأعمال الظاهرة أمر مشاهد يراه الناس، ذلك أكثر صلاة وهذا أقل ذلك أكثر صيام وهذا أقل وأكثر صدقة وهذا أقل، وهكذا ومثله في أعمال القلوب، حيث يتفاوت أهل الإيمان فيها تفاوت عظيم من حيث العمل الواحد ومن حيث مجموع الأعمال.

 

بل إن التصديق الذي هو الأساس يتفاوت الناس فيه تفاوت عظيم، فليس تصديق أحد الناس كتصديق صديق الأمة رضي الله عنه وأرضاه ” أبي بكر ” ولا كتصديق النبيين، فالتصديق نفسه يتفاوت فيه أهل الإيمان

 

والبخاري رحمه الله عقد هذه الترجمة لبيان ذلك وتقريره وذكر الشواهد والدلائل عليه، والأدلة على هذا التفاضل كثيرة منها ما قد مر ومنها ما سيأتي ومنها ما أورده رحمه الله وساقه في هذه الترجمة، حيث ساق حديثين كلاهما عن أبي سعيد الخدري، الأولى منهما قول النبي  صلى الله عليه وسلم:

يدخلُ أهلُ الجنَّةِ الجنةَ وأهلُ النارِ النارَ ، ثُمَّ يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ أخرِجوا من كان في قلبِهِ مثقالُ حبَّةِ من خردَلٍ من إيمانٍ

من يدخلون النار هم على قسمين:

قسم دخوله للنار دخول تأبيد وتخليد ” يدخلها ليبقى فها أبد الآباد وهذا دخول الكفار المشركين، فهم يبقون في النار أبد الآباد، كما قال الله سبحانه وتعالى ” والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير” بدخولهم للنار دخول تخليد وتأبيد وليس دخول تطهير، لأن خبث الشرك لا تطهره النار ولا تنقية، بخبثهم خبث لا تطهره النار، ولهذا يلقون فيها أبد الآباد ويكون دخولهم للنار دخول تخليد وتأبيد، يعذبون فيها ويبقون فيها أبدا.

القسم الثاني: من دخولهم دخول تطهير وتنقية ” لأن الجنة أكرمنا الله سبحانه وتعالى بدخولها بدون حساب ولا عذاب لا يدخلها إلا أهل الطيب، ” طبتم فادخلوها خالدين” فمن خالط طيبه خبث، ودخل النار فإن دخوله للنار يكون لتطهيره من هذا الخبث، وهذا إنما هو خاصة للموحدين، من مات على الإيمان من مات على غير الكفر والشرك بالله عنده معاصي وذنوب وكبائر ولكنها دون الكفر ودون الشرك بالله سبحانه وتعالى

فهذا القسم من الداخلين النار اعاذنا الله منها يكون دخولهم للنار دخول تطهير وتنقية وتكون مدة التطهير في النار بحسب الكبائر والذنوب التي أوجبت دخولهم النار، ولهذا دلت الدلائل أن عصاة الموحدين في خروجهم من النار لا يخرجون كلهم دفعة واحدة في وقت واحد.

وإنما كما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد ” يخرجون بدائر بدائر ” أي دفعات دفعات جماعات جماعات، لا يخرجون دفعة واحدة لأنهم يتفاوتون بي مقل ومستكثر فيتفاوت خروجهم مم النار، هذا الحديث حديث أبي سعيد يذكر فيه النبي نبأ هذا الإخراج لعصاة الموحدين من النار وكيف يخرجون وما صفة الإخراج وماذا يصنع بهم عندما يخرجون من النار، فلنستمع، ” ثُمَّ يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ : أخرِجوا من كان في قلبِهِ مثقالُ حبَّةِ من خردَلٍ من إيمانٍ ” وفي رواية أخرى وتأتي عند البخاري في الصحيح ” من قال لا إله الا الله وفي قلبه مثقال حبة من خردل من الإيمان ” من المعلوم أن أعظم العظائم باب الشرك وأكبر الذنوب بعد الشرك بالله التعديات على حقوق الآدميين سواء في الدماء والأعراض والأموال.

ومر معنا إنما هم أربع لا تشرك بالله شيئا، ولا تقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا تزنوا ولا تسرقوا” ومرت أحاديث مشابهة ذكرت في ذلك، وكذلك مر معنا أن يوم القيامة يكون قصاص، وأن أناس يأتون بصلاة وصيام وياتون بحج وبصدقات ولكن لما يكون القصاص تأخذ منهم تلك الحسنات، وبعض الناس ربما فنية حياته كلها لأصحاب المظالم أخذوها منه، وبعضهم ربما زاد على ذلك إضافة إلى فناء حسناته يكون بعده لم يقضي ما عليه من مظالم، فيطرح عليه من سيأتهم فيطرح في النار.

 

اذا دخل اهل الجنة الجنة

هنا من اجل فقه المسألة حتى لا يشتق بالإنسان فهم هؤلاء الذين دخلوا النار، ولنقل منهم هذا الذي أخذت منه حسناته، نبه أهل العلم أن حسناته التي تأخذ منه صلاته كلها ربما أخذت، صيامه حجه صدقاته أعمال البر الأخرى التي قام بها ربما كلها تنفذ في المظالم، يأخذها الناس لأن القصاص يومئذ للحسنات والسيئات، لكن الإيمان الذي هو الأصل، وكلمة التوحيد التي بها الدخول في الإسلام لا يشملها القسمة للغرماء، أي أن الغرماء إذا جاؤا وبدأوا يأخذون من حسناته إلى ان تفنى حسناته كلها لكن التوحيد الذي هو قوله لا اله إلا الله وكذلك الإيمان الذي في القلب، إيمان القلب وتصديقه هذا ما يأخذ لأن لو استنفذ واخذ أصبحت حاله في النار ليس عنده إيمان ولا مثقال ذرة منه لأنه استنفذ أخذه الغرماء.

هذا نص أهل العلم على أنه ليس مما تدخله القسمة، مما يأخذه الغرماء، نعم الصلاة صيام صدقات الحج والنفقات إلى غير ذلك من اعمال كل هذه ستدخلها القسمة، يقتسمها الغرماء فإن فنية هذه الاعمال كلها أخذت من سيئاتهم فطرحت عليه، حديث المفلس قال رسول الله ” المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام، وزكاة؛ ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا؛ وضرب هذا؛ فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته؛ فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار ” يبقى له ولا تدخله القسمة للغرماء والخصوم تبقى له كلمة التوحيد ويبقى له الإيمان الذي في القلب، وبه يكون الإخراج.

 

كما في اللفظ هنا وكما في اللفظ الأخر من قال لا اله الا الله وكان في قلبِهِ مثقالُ حبَّةِ من خردَلٍ من إيمانٍ، هذا فيه عظم نفع الإيمان وان قل، هذا من جهة ومن جهة أخرى وهو موضع الشاهد من سياق الإمام البخاري لهذا الحديث أن فيه دلالة على ماذا؟

على التفاوت في الإيمان فمن الناس من في قلبه مقدار حبة خردل من الإيمان، ومن الناس من امتلأ قلبه إيمانا، النبي عليه الصلاة والسلام لما فسر إيمان عمار بن ياسر قال ” إن عمار بن ياسر ملئ إيمان حتى أطراف الأصابع ” من الناس من رسخ الإيمان رسخ الإيمان في قلبه وتمكن في فؤاده وكان رسوخه مثل رسوخ الجبال ومنهم كما في هذا الحديث من الإيمان الذي في قلبه حبة خردل، إذا هذا دليل واضح على تفاوت في الإيمان.

أيضا في دلالة أخرى عظيمة جدا ومهمة، ألا وهي الأجر العظيم الذي ينبني ويترتب على الإيمان الذي في القلب، فهذا الذي حظه من الإيمان القلبي حبة خردل، إيمان ضعيف ولهذا كانت حياته فيها تجاوزات وتعديات ومظالم إلى أخره، لكن إذا قوي القلب في الإيمان وتمكن من القلب، لم يبق في القلب توجه إلى للخير وأعمال الخير، وهذا هو قول النبي ” أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ ” أيضا نستفيد فائدة مهمة من السياق نفسه أهمية العناية بإصلاح القلوب.

ربما بعض الناس يهتم بظاهره وربما بعض الناس عفانا الله يهتم بإصلاح ظاهره للناس حتى في صلاته وحتى في بعض عباداته، في الصلاة والصيام يهتم بإصلاحها لأجل الناس، وأما القلب فلا يلقي له أي إهتمام ولا يعينه أي عناية، فالقلب يحتاج إلى عناية، فهناك باب عظيم أكد فيه الإمام البخاري على هذه القضية عندما قال ” وأن المعرفة فعل القلب ” واستدل بقوله تعالى [ ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ] بمعنى ان القلب يعمل ويفعل ويكسب يحتاج صاحبه إلى أن يقوي هذه المعاني، ويقوي حب الله يقوي رجاء الله ويقوي الله الخوف من الله والحياء من الله إلى آخره.

في كتب أهل العلم هناك بيان غاية النفع في هذا الباب، إحتاج المسلم إلى فعلا أن يعتني بقلبه لا أن يكون حبة الإيمان في القلب مثل حبة الخردل أو أقل أو أزيد بقليل فهو يعمل على تقوية الإيمان في قلبه، ومعناه أن تقوية خصال الإيمان في قلبه، حب الله ورجاء الله والتوكل على الله والحياء من الله، الصدق مع الله وغير ذلك من الأعمال القلبية، والإمام بن قيم رحمه الله ابدع وأفاد 

 

فيخرُجونَ منها قدِ اسوَدُّوا ، فيُلْقَونَ في نهرِ الحياةِ

كثيرا وأجاد في هذا الباب في كتاب ” مدارج السالكين ” قال ” فيخرجون منها قد اسودوا ” عصاة الموحدين أما الكفار فهؤلاء لا خروج لهم إطلاقا في النار، وإنما هؤلاء الذين يخرجون من النار عصاة الموحدين من كان عنده إيمان وتوحيد وإن قل، فيخرجون منها قد اسودوا أي ” اسودوا من النار “، بل جاء في صحيح مسلم ان النبي  عليه الصلاة والسلام قال ” فأماتهم النار اماتة حتى إذا كانوا فحما ” الفحم معروف، هذا معنى قوله هنا اسودوا، اي أن أجسامهم تتفحم تكون مثل قطع الفحم وتوميتهم النار إماتة
هذه الإماتة وصح بها الحديث في صحيح مسلم ” قبل دبح الموت ” لأن الموت يأتي عليه وقت يذبح بين الجنة والنار” وبعد ذبحه يكون حياة بلا موت.

إذا هذه الإماتة التي تنال أصحاب الكبائر في النار هذه قبل ذبح الموت ونستفيد من ذلك أن ذبح الموت يُأتى بالموت على هيئة كبش، وُينادى أهل الجنة تعرفونه؟ ويقولون نعم، ويُنادى أهل النار تعرفونه ويقولوا نعم، بعد الموت كلهم يعرفونه، وعرفوه لأن كل أحد منهم ذاق فيذبح بين النار والجنة، نذبح الموت، ثم يقال لأهل الجنة خلود بلا موت يا أهل النار خلود بلا موت، هذا الذبح للموت يأتي بعد تكامل خروج عصاة الموحدين من النار، فإذا لم يبق في النار إلا اهلها الذين هم أهلها الذين يقلدون فيها، حين إذا يأتى بالموت ويذبح بين الجنة والنار.

 

اذا دخل اهل الجنة الجنة

وبعدها للفريقين ” أهل الجنة والنار ” خلود بلا موت، فيخرجون منها قد اسودوا مثل الفحم بلا حياة، أي ماتوا خرجت أرواحهم كيف تكون حياتهم ؟، كيف ترجع لهم الحياة؟ قال فيلقون في نهر الحياة أي المطر، ونهر الحياة أي النهر الذي تقوم به حياة فينبتون كما تنبت الحِبة في جانب السيل.

 

فينبُتونَ كما تنبُتُ الحِبَّةُ في جانِبِ السيلِ ، ألم ترَ أنَّها تخرجُ صفراءَ ملتويَةً

أي أن هذه القطع التي أخرجت من النار دبائر دبائر دفعات دفعات يأتى بها وتلقى في نهر الحياة، تركض فيه فيحيون بماء ها النهر وسبحان الله حياة الإنسان مرتبطة بالماء، ويوم يبعث الناس من القبور أيضا بالماء يوم الباعث، جاء في حديث مسلم حديث عمرو بن العاص في سياق طويل، ” وفيه يرسل الله ماء كالطل فتنبت به الأجساد ” والله عز وجل يقول [ والله انبتكم من الارض نباتا ]، فالبعث من القبور بالماء وأيضا هذا القطعة المتفحمة تلقى في نهر الفردوس فيحيون بمائه.

 

فينبُتونَ كما تنبُتُ الحِبّة الحِبة غير الحَبة حيث أن الأولى تتطلق على بذور أنواع النباتات التي يزرعها الناس، واحدتها حبة وجمعها حبوب، أما الحِبة فهي تطلق على البذور التي في الصحراء، ليست من البذور التي يبذلها الناس وإنما البذور التي في الصحراء، وقيل هي نوعا من العشب ومعلوم أن الأودية تتطاير بها الحبوب والبذور، فإذا جاء السيل يمر الوادي يحمل على متنه البذور التي في الأرض، وهو يمشي فيها يقذفها على جنبتيه، فإذا جئت وقت الأمطار والسيول الأودية تجد إلى جنب الوادي كلها خضار، ربما تتسائل هذه البذور من أين أتت؟، السيل هو من حملها من بطن الوادي ويقذفها وهو يمشي على يمينه وجنتيه وتحيا بمائه.

ثم تخرج الواحدة من هذه البذور تخرج صفراء ملتوية، وقد قل أهل العلم إن الشبه هنا بين نباتها وحياة هؤلاء من جهة السرعة، لأنها تنبت بسرعة إذا جاء السيل تأتي إلى جانبه بعد أيام تجده أخضر بسبب تلك البذور التي رماها إلى جانبه فتنبت بسرعة، وايضا من جهة أنها تخرج صفراء ملتوية، يبدأ هذا الجسم الذي أصبح قطعة من الفحم يبدأ في التحول إلى هذه الصفة صفراء ملتوية، هذه المعلومة إنما يعلمها أهل البادية، ولهذا جاء في بعض روايات الحديث أن أحد الصحابة لما سمع النبي يحدث بهذا ويذكر هذا المثل قال سبحان الله كأن النبي عاش في البادية.

لأن هذه المعلومة يعرفها أهل البداية وأصحاب المدن لا ينتبهون لمثل هذه المعنى، هذا المعنى الذي في هذا الحديث ساقه الإمام إبن ابي داود في منظومته الحائية في بيتين، ” وقل يخرج الله العظيم بفضله من النار أجساد من الفحم تطرح على النهر في الفردوس تحيا بمائه بحب حميم السيل إذا جاء يطرحه “، قوله تطرح تتعلق بالجار والمجرور في شطر البيت الثاني على النهر في الفردوس، هذان البيتان من أبيات للإمام ابن ابي داود صاحب السنن، في أبيات جميلة في الاعتقاد تزيد على ال30 بيتاً وهي مشهورة بالحائية، وضمنها معانى جليلة جدا من أمور الاعتقاد.

اقرأ أيضا:

ثلاث من كن فيه ذاق حلاوة الإيمان

لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين

إنما الأعمال بالنيات

كم من جار متعلق بجاره

شرح حديث أعوذ بوجه الله الكريم

 

 

اذا دخل اهل الجنة الجنة

كذلك فائدة أخيرة، فيما يتعلق بهذا الحديث، خطورة المعاصي ينبغي على الإنسان فعلا أن يحاسب نفسه على الذنوب على الذنوب قبل ان يحاسب يوم القيامة وان يطهر نفسه قبل أن يكون التطهير بالنار، فمن الخير أن يطهر الإنسان نفسه في الدنيا، الإمام الطيب يقول كلام فيما معناه ” هناك في الدنيا 3 أنهار من تطهر بها طهرته وهي الحسنات الماحية والتوبة النصوح والمصائب المكثرة ” ومن لم يتطهر بها طُهر في نهر جهنم يوم القيامة، فإذا من الخير للإنسان أن يتطهر من الذنوب بالتوبة المظالم يتخلص منها حقوق الناس يعمل على إعادتها لأهلها لأن الهول عظيم، الأمر ليس بالهين الظلم ظلمات يوم القيامة، فينبغي على الإنسان أن يهمل فعلا على أن ينقي نفسه.

أحياناً بعض المناس تقع في مظلمة، ” يظلم الآخرين ” فعلى سبيل المثال ، يبتز منهم مالا أو يدعي زورا من حقوقهم أنه له أو نحو ذلك ” ثم بعد ذلك لا يستمتع به يوم واحد قد يموت من الغد، ويفارق الدنيا وهو يحمل على عاتقه يوم القيامة مظالم، ثم تكون تلك الحال إذا من الأمور العظيمة أن الإنسان فعلا يجتهد على تطهير نفسه، وتنقية نفسه بالتوبة إلى الله قال بالعفو من أصحاب الحقوق ورد الحقوق والمظالم إلى أهلها، ولو أشياء قليلة، تجد كثير من الناس أمر التنقي والوقاية يعمل عنده لكن في هذا الباب لا يعمل.

مثلا من باب حفظ الصحة، تجد بعض الناس يمتنع عن تناول أنواع من الأغذية المُباحة، تجد أمامه طعام جيد وشهي ولا يأكل، فتجد أن السبب أنه من أجل حفظ الصحة، حفظ بدنه من أن يبتلى بمرض أو أسقام أو ضعف أو غير ذلك، وفي الوقت نفسه ما يمتنع من الذنوب العظائم التي هي سبب عقوبة بدنه في نار جهنم يوم القيامة، يتوقن من بعض الأطعمة المباحة خوفا من ضارتها ولا يتوقن من الذنوب خوفا من عقوبتها يوم القيامة، وهذا من الخلل جانب من الفهم تجد في أمور الدنيا او اعتقاد الدنيا وهي يجب أن ينتبه جيدا.

أُشير إلى إشارة من كلام جميل لاحد السلف أنقله لكم، الأن عندما يتحدث الناس عن النذالة، أو يقال هذا الشخص نذل وبه نذالة، والنذالة تعريفها ” الخسة والحقارة ” والنذالة يكاد يكون إنحصر مفهومها فيما يتعلق برد الإحسان والجميل، يقال مثلا فلان قدم له من فلان كيت وكيت وكيت ولكن في الأخير طلع نذل نسي كله الإحسان، أحد السلف يقول ” رأيت المعاصي نذالة، فتركتها مروءة ” فإستحالة الديانة أصبح تركي لها دين وتقرب، لإني أخذت أنظر في الأمر ووجدت أن المعاصي نذالة فمن باب المرؤة تركت المعاصي. 

فإستحالة الديانة أي تحول الأمر إلى ديانة وقرابة أتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى، شاد القول أن هذه المعاني فعلا يحتاج الإنسان أن يعتني بها ويجاهد نفسه ليسلم من المظالم ويسلم من الآثام ويسلم من المعاصي، ليطهر نفسه منها حتى يلقى الله سبحانه وتعالى طيبا نقيا، ويكون من اهل الجنة بدون حساب ولا عذاب اللهم لا حول لنا ولا قوة لنا إلا بك، اللهم أصلح أحوالنا أجمعين ومن علينا منا منك وتفضلا بأن نكون مما يدخلون الجنة بدون حساب ولا عذاب.

 

اقرأ أيضا:

ثلاث من كن فيه ذاق حلاوة الإيمان

لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين

إنما الأعمال بالنيات

Scroll to Top