شرح حديث ليس منا من لم يرحم صغيرنا

ليس منا من لم يرحم صغيرنا

ليس منا من لم يرحم صغيرنا حديث صحيح للنبي صلى الله عليه وسلم، وبه يوصينا أن نرحم الصغير ونوقر الكبير، ولمعرفة من هو راوي الحديث ولمعرفة شرح الحديث ونستلهم الدروس والعبر من حديث رسولنا الكريم في هذا المقال.

 

المتن

“حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده  قال: قال رسول الله صلى : ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا”

حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وفي رواية أبي داود حق كبيرنا.

 

راوي حديث ليس منا من لم يرحم صغيرنا وَيُوَقِّرْ كبيرنا

هو عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما والحديث أخرجه أبو داود والترمذي وأحمد واللفظ له، وصححه الألباني في صحيح الترغيب صفحة ( 100)

 

 

شرح حديث ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا

بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم حديث بكلمة ليس منا: 

ومعناه ليس من هدي المسلمين وطباعهم عدم رحمة الصغار، لكونهم ضعفاء بحاجة دائمة للرحمة والرعاية والعطف عليهم حيث جاء في  تحفة الأحوذى للمباركفوري: قوله ( ليس منا ) قيل أي ليس على طريقتنا وهو كناية عن التبرئة، وهذه الجبلة الطبيعية التي خلقها الله في نفوس جميع خلقه، جبلها الله على حماية صغارها والرحمة والعطف بهم.

فأما إن وجد من كان قلبه صلد لا يعرف الرحمة بالصغير ولا يعطف عليه، فهو إن دل يدل على عدم وجود خير به.

وهذا امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم “حينما قبّل صبيا  فسأله أعرابي قال: أتقبِّلون صبيانكم؟، والله إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:  أوَأَمْلِكُ لكَ أنْ نَزَعَ اللَّهُ مِن قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ“.

فالأمر لا يتوقف على التدليل أو الترفيه، بل الرحمة والعطف من أساس التربية وتكوين المسلم السوي سليم القلب من أمراض النفس والطباع العدوانية الناقمة على باقي الأطفال اللاتي تلقى رعاية واهتمام من والديهم وذويهم.

فالأهم من أن تلبي طلبات طفلك واحتياجاتهم المادية، أن تقدم لهم الرعاية والعطف والحنان، فنرى العنف الأبوي والزجر واللوم أكثر ما يبعد الطفل عن والديه فينتج منه شاب بعيد عنهم ملقي بين يدي أصحاب السوء ورفقاء الباطل.

واقرأ أيضا:
الراحمون يرحمهم الرحمن

شرح حديث لا تنزع الرحمة إلا من شقي

المؤنسات الغاليات

شرح حديث مثل المؤمنين في توادهم

 

ثم قال صلى الله عليه وسلم ويعرف شرف كبيرنا، وفي الرواية الأخرى حق كبيرنا:

أي لم يحترم الكبير منا ويوقره ويعطيه جلاله ويقدمه على غيره من الناس، فيراعي تقدم سنه ويرحم ضعفه، ذلك لامتثال قول الرسول عليه الصلاة والسلام ” الراحمون يرحمهم الله”، فالرحمة بالكبير والصغير سبب رحمة الله عبده، فعدم الرحمة بهما وغلظة القلب عليهما تنزل غضب الله، لأنها إن دلت تدل على ضعف الإيمان وسوء التربية.

فقد جاء في تفسيره من الترمذي في آخر الباب: ( من لم يرحم صغيرنا ) أي من لا يكون من أهل الرحمة لأطفالنا ( ولم يوقر ) من التوقير أي لم يعظم ( كبيرنا ) هو شامل للشاب والشيخ”. 

 

معنى ( ليس منّا ) في قوله صلى الله عليه وسلم : ” ليس منّا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا

أي أن من كان هذا حاله فهو على غير طريقتنا وعلى غير سبيلنا فهو ليس على هدي الإسلام وليس على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على خطورة هذا الأمر حيث تبرأ منه النبي عليه الصلاة والسلام، وليس معنى الحديث أنه ليس بمسلم.

 

الفوائد من معنى حديث ليس منا من لم يرحم صغيرنا 

 هناك الكثير من فوائد حديث ليس منا من لم يرحم صغيرنا، فنذكر لك منها ما يلي:

  • من رحمة الله على عباده جعل بينهم الرحمة بصفة عامة ثم خصها بالصغار وكبار السن، نظرًا لضعفهم واحتياجهم للرعاية العطف عليهم.
  • الوعيد بغضب الله لمن لا يرحم الصغير ولا يحترم ويوقر الكبير، ويودهم ويعطف عليهما.
  • أولى الرحمة بالصغير أن يرحم المرء أبنائه ويغدقهم بعطفه، وأولى التوقير والاحترام أن يحترم المرء منا والديه و ذوي القربي لأنهم أولى بالتبجيل والاحترام
  • أن هذه الأفعال من الكبائر.

اطلع على شرح حديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه

 

لماذا خص النبي صلى الله عليه وسلم الصغار بالرحمة والكبار بالاحترام؟

لأنها رحمة الله على عباده الضعفاء سواء كانوا في الصغر أو الكبر، كما أنها من الأسس التي تساعد على سلامة المجتمع والحياة بين الناس داخليًا.

وهي أن تسود الرحمة بينهم والاحترام والتعاطف، ليأمن الضعفاء على أنفسهم بأن يحيوا حياة كريمة بين الناس.

من اجل ذلك حثنا رب العزه ورسوله الكريم في الكثير من المواضع على أهمية الرحمة أن نعطف على صغيرنا وأن نوقر كبيرنا.

 

 

ما هي مظاهر رحمة الله بعباده؟

جعل الله صور الرحمة بعباده صوراً عديدة، منها ما هو جلي وواضح ونستشعره طيلة الوقت من نعم وصحة ورزق، ومناه ما هو باطن من عفو ومغفرة رحمة في أقداره، ومنها ماهو في علم الغيب عنده كدعاء الملائكة بالرحمة والمغفرة، كما أن منها ما هو مؤجل ليوم القيامة ليرحم بها عباده.

وهي أكثر من رحمة الله بعباده في الدنيا، فعن  أبي هريرة  قال: سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم يقول: جعل الله الرحمة مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين، وأنزل في الأرض جزءًا واحدًا، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق، حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه.

في نهاية دراستنا اليوم في حديث ليس منا من لم يرحم صغيرنا، وبعد أن تدبرنا شرح حديث ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا، والفوائد من معنى الحديث، كما تعرفنا لماذا خص النبي صلى الله عليه وسلم الصغار بالرحمة والكبار بالاحترام؟، نسأل الله عز وجل ان يجعلنا رحما فيما بيننا وأن يجعلنا رفقاء بالصغير والكبير ليتغمدنا الله برحمته.

Scroll to Top