زملوني زملوني

عن عائشة ام المؤمنين -رضي الله عنها- قالت « أولُ ما بُدِئَ به رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ في النَّوْمِ؛ فَكانَ لا يَرَى رُؤْيَا إلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، فَكانَ يَأْتي حِرَاءً فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ -وهو التَّعَبُّدُ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ- ويَتَزَوَّدُ لذلكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلى خَدِيجَةَ فَتُزَوِّدُهُ لِمِثْلِهَا، حتَّى فَجِئَهُ الحَقُّ وهو في غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ المَلَكُ فِيهِ، فَقالَ: اقْرَأْ، فَقالَ له النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَقُلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ: اقْرَأْ، فَقُلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ: اقْرَأْ، فَقُلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} حتَّى بَلَغَ {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1 – 5]. فَرَجَعَ بهَا تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ، حتَّى دَخَلَ علَى خَدِيجَةَ، فَقالَ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَزَمَّلُوهُ حتَّى ذَهَبَ عنْه الرَّوْعُ، فَقالَ: يا خَدِيجَةُ، ما لي؟ وأَخْبَرَهَا الخَبَرَ، وقالَ: قدْ خَشِيتُ علَى نَفْسِي، فَقالَتْ له: كَلَّا، أبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا؛ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ، ثُمَّ انْطَلَقَتْ به خَدِيجَةُ حتَّى أتَتْ به ورَقَةَ بنَ نَوْفَلِ بنِ أسَدِ بنِ عبدِ العُزَّى بنِ قُصَيٍّ، وهو ابنُ عَمِّ خَدِيجَةَ؛ أخُو أبِيهَا، وكانَ امْرَأً تَنَصَّرَ في الجَاهِلِيَّةِ، وكانَ يَكْتُبُ الكِتَابَ العَرَبِيَّ، فَيَكْتُبُ بالعَرَبِيَّةِ مِنَ الإنْجِيلِ ما شَاءَ اللَّهُ أنْ يَكْتُبَ، وكانَ شَيْخًا كَبِيرًا قدْ عَمِيَ، فَقالَتْ له خَدِيجَةُ: أيِ ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أخِيكَ، فَقالَ ورَقَةُ: ابْنَ أخِي، مَاذَا تَرَى؟ فأخْبَرَهُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما رَأَى، فَقالَ ورَقَةُ: هذا النَّامُوسُ الذي أُنْزِلَ علَى مُوسَى، يا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، أكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟ فَقالَ ورَقَةُ: نَعَمْ؛ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بمِثْلِ ما جِئْتَ به إلَّا عُودِيَ، وإنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ ورَقَةُ أنْ تُوُفِّيَ. وفَتَرَ الوَحْيُ».

 

عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها – لا شك أنها أم المؤمنين رضي الله عنها وكل زوجات النبي (ﷺ) أمهات للمؤمنين قال الله عز وجل {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}[الأحزاب – الآية 6.] الله عز وجل سمّاهن أمهات المؤمنين، و أم المؤمنين يعني في الإحترام وتحريم النكاح لا في الخلوة والنظر هي أم المؤمنين في الإحترام، أمَّا في الخلوة والنظر وتحريم النكاح فهي كبقية النساء

 

أم المؤمنين -رضي الله- عنها قالت أول ما بُدأ به (ﷺ) الرؤيا الصالحة الرؤيا الصالحة في رواية الرؤيا الصادقة الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصُبح ضوء الصبح تأتي هذه الرؤية التي رآها في نوم وتكون صادقة مثلُ فلق الصبح مثل ضوء النهار وضوحًا تشبه ضوء النهار في الوضوح

 

ثم حُبب إليه الخلاء (ﷺ) الخلوة والإختلاء حُبب إليه الاختلاء بنفسه والعبادة بنفسه فكان يخلو بغار حراء (ﷺ) وغار حراء هو جبل معروف يبعد عن مكة ثلاثة أميال وأنت ذاهب إلى منى على يسارك جبل معروف كان يتعبد فيه (ﷺ) في هذا في غار في هذا الجبل.

قال فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذوات العدد يتحنث فيه وهو التعبد جاء التفسير من الإمام الزُهري -رحمه الله- أحد رواة هذا الحديث أدرج تفسير هذه الكلمة التي قالت عائشة -رضي الله عنها- فيتحنث فيه قال وهو التعبد الليالي ذوات العدد جاء في الصحيحين أيضًا قال (ﷺ) جاورتُ شهرًا في حراء جاورته يعني اعتكفت في شهر، شهر كامل فكان (ﷺ) يذهب إلى هذا الغار ويتعبد فيه ويذكر الله عز وجل فيه، قال الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله قبل أن يرجع إلى عياله (ﷺ) ويتزود لذلك يأخذ الزاد الطعام وغيره ثم يعود مرة أخرى إلى غار حراء ليتعبد ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها يرجع إلى خديجة فيتزود يعني يحمل الزاد

 

حتى جاءه الحق، الحقُ هو الأمر جاءه الحق أي الأمر وهو الوحي وهو في غار حراء، فجاءه الملك أول مرة يأتيه جبريل عليه السلام وهو في غار حراء فقال اقرأ قال ما أنا بقارئ ما أحسنُ أن أقرأ قال فأخذني فغطني، غطني يعني ضمني وعصرني ضمة شديدة حتى بلغ مني الجَهد غاية وسعي ضمه جبريل عليه السلام وعصره غاية الضم وغاية الوسع ثم أرسلني أطلقني فقال اقرأ فقلت ما أنا بقارئ لا أحسن القراءة فأخذني فغطني ثانية فغطني الثانية حتى بلغ مني الجَهد ثم أرسلني أطلقني فقال اقرأ فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني؛ أي ضمني ضمًا شديد الثالثة ثم أرسلني فقال {{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)} [العلق : 1-4].

 

زملوني زملوني

فرجع بها رسول الله (ﷺ) يرجفُ فؤاده رجع بهذه الآيات أول ما نزل رسول الله (ﷺ) من القرآن {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} فرجع بهذه الآيات أو بهذه القصة إلى أهلهِ يرجف فؤاده يخفق ويضطرب قلبه أو باطنه فدخل على خديجة بنت خويلد أم المؤمنين -رضي الله عنها- فقال زملوني زملوني:

يعني لففوني باللفافة ودثروني باللحاف والدثار فزملوه حتى ذهب عنه الروع ذهب عنه الفزع كان فزعً (ﷺ) فزعً شديدًا.

 

فقال لخديجة وأخبرها الخبر بعد ما هدأ وزال الروع عنه ذهب عنه الروع أخبر خديجة -رضي الله عنها- الخبر قال لقد خشيت على نفسي، خشيَ على نفسه الموت من الرعب (ﷺ) فقالت خديجة كلا والله لا تقل ذلك أو لا خوف عليك والله ما يُخزيك الله أبدًا لا يفضحك الله عز وجل أبدًا إنك لتصل الرحم توصل قرابتك وتحمل الكْل، الكْل هو من لا يستقل بنفسه لا يستطيع العمل فيعينه (ﷺ) ويساعده ويحمل إليه الطعام والشراب وتكسب المعدوم تعطي الفقير الذي لا يستطيع الكسب معدوم لا يستطيع ليس عنده شيء.

 

وتخري الضيف تكرم ضيوفك وتطعمهم وتعين على نوائب الحق حوادث الخير نوائب الحق كلمة جامعة لكل خيرٍ وفضيلة وفي بعض الروايات الصحيحة أيضًا قالت خديجة -رضي الله عنها- “وتصدق الحديث وتؤدي الأمانة”

واستنبط العلماء من قول خديجة – رضي الله عنها- لهذه الصفات والخصال التي كان في رسول الله (ﷺ) استنبطوا مسألة وهي:

استحباب تأنيس من نزل به مكروه استنبطوا من هذه من قول خديجة -رضي الله عنها – مسألة استحباب تأنيس من نزل به مكروه وتهوينه لديه وأن من نزل به أمرٌ أُستحب له أن يطلع عليه من يثق بنصحه هذا أمر عظيم والنبي (ﷺ) يثق بخديجة -رضي الله عنها- فأخبرها بهذا السر و بيّنت له أن الله عز وجل لا يخزيه وذكرت بعض صفاته (ﷺ)

 

قصة ورقة بن نوفل

قال فانطلقت به خديجة -قالت عائشة راوية الحديث- فانطلقت به خديجته حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن عم خديجة انطلقت يعني مضت به أخذت رسول الله (ﷺ) معها إلى ابن عمها ورقة بن نوفل – رضي الله عنه-

ورقة بن نوفل هل اسلم

نعم لكن اختلف هل هو صحابي أم غير ذلك؟ اختلف من صنف فيه أسماء الصحابة في صحبته لكن لكنه يكفيه أن رسول الله (ﷺ) بشّره بالجنة بشره بالجنة فقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لا تسبوا ورقة بن نوفل فاني رأيت له قصرًا في الجنة وكان الحديث في صحيح الجامع الصغير.

 

فورقة بن نوفل قرأ التوارة و الإنجيل وتنصر قال وكان إمرءً ورقة قد تنصر في الجاهلية كان رجلًا قد تنصر في الجاهلية هو من أهل مكة لكنه ذهب مع أخيه أحد الصحابة يبحث عن الدين الحق وسافر من مكة حتى يبحث فوجد في يومها النصارى ووجد أن دينهم حق فتنصرَ على دين عيسى عليه السلام، وكان يكتب الكتاب العبراني كان يكتب الكتابة العبرانية يخط بيده الكتابة العبرانية فيكتب من الإنجيل، لأنه كان عالمًا بالإنجيل بل جاء في بعض روايات الحديث أن النبي (ﷺ) أطلق عليه قسيسًا هذا اللقب عند النصارى فيكتب من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب وكان شيخًا كبيرًا قد عَمِيَ

 

 

فقالت خديجة يا ابن عمي اسمع من ابن أخيك يا ابن عمي يا ورقة بن نوفل أسمع من ابن أخيك على سبيل التوقير والإحترام وهو يلتقي نسبه برسول الله (ﷺ) في أحد أجداده، فقال له ورقة يا ابن أخي ماذا ترى؟ ما الذي رأيت يا محمد فأخبره رسول الله (ﷺ) خبرَ ما رأى فقال له ورقة هذا الناموس، لأن ورقة بن نوفل طلع على الإنجيل وعلى التوراة وهي كتب أنزل الله عز وجل على موسى وعلى عيسى بن مريم عليهما السلام عرف من هناك عَلِم من هناك أن هذه علامات النبوة من القصة التي أخبرها رسول الله (ﷺ) لورقة قال هذا الناموس يعني هذا صاحب السر جبريل عليه السلام الذي نَزّلَ الله على موسى هو الذي في التوراة على موسى عليه السلام هو جبريل قال يا ليتني فيها جذعًا يتمنى ورقة بن نوفل أن يكون شابًا قويًا يا ليتني فيها جدعًا ليتني أكون حيًا إذ يخرجك قومك وكبير في السن وعَمِيَ في آخر أيامه و يتمني أن إذا ظهرت رسالة النبي رسالة النبي (ﷺ) أن يعينه ويكون شابًا قويًا إذا أخرجه أهل مكة من مكة فقال رسول (ﷺ) أوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟ سيخرجونني يعني من مكة؟ قالَ: نَعَمْ؛ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بمِثْلِ ما جِئْتَ به إلَّا عُودِيَ ، يعني من الوحي إلا عودي يعني عداه الناس على مر التاريخ هو عالم وعنده اطلاع على قصص الأنبياء السابقين و أن النبي (ﷺ) سيخرجه قومه قال وأن يدركني يومك أيضًا يقول ورقة وإن يكون يومك يعني يوم انتشار نبوتك أنصرك نصرًا مؤزرًا أنصرك نصرًا قويًا بليغًا ثم لم ينشق ثم لم يلبس ورقة أن توفيَ -رضي الله عنه- وفتر الوحي احتبس الوحي وانقطع جبريل عليه السلام ثلاث سنوات كما جاء في الأحاديث.

 

 

هذا الحديث فيه قصة ترويها لنا خديجة رضي الله عنها مما حصل مع رسول الله (ﷺ) مع الوحي مسألة فقط في هذا الحديث وهي قوله (ﷺ) عندما قال له جبريل اقرأ قال ما أنا بقارئ ما أحسنُ القراءة ومن الناس من يثير بين الناس ليشكك الناس في دينهم مسألة أن النبي (ﷺ) كان يقرأ ويكتب وهذا مُخالف للنصوص وهذا مُخالفٌ لهذا الحديث الذي معنا قال ما أنا بقارئ يعني ما أعرف القراءة  فالنبي (ﷺ) لا يقرأ ولا يكتب أُمّي (ﷺ) لا يقرأ ولا يكتب ولا يحسب ودلت الأدلة على ذلك قال الله تعالى {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ} [الأعراف _157] فالله عز وجل وصفه بأنه أُمّي كما في سورة الأعراف، قال القرطبي رحمه الله في تفسيرها قوله تعالى {الْأُمِّيَّ} قال ابن عباس -رضي الله عنهما- كان نبيكم (ﷺ) أُميًا لا يكتبُ ولا يقرأ ولا يحسبُ قال تعالى استدل ابن عباس أيضًا بآية أخرى قال قال الله تعالى { وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [العنكبوت 48].

إذًا ما كان (ﷺ) يقرأ كتابًا، لأنه كان أُميًا كان لا يقرأ {وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ}، إذًا ما كان يكتب (ﷺ) {إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ } فهذه الآية دليلٌ صريح على أن النبي (ﷺ) أُمّي لا يقرأ ولا يكتب وهذه أيضًا الآية الأخرى التي أستدل بها أيضًا ابن عباس رضي الله عنه في سورة العنكبوت {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ }.

أيضًا بسورة العنكبوت هذه آية أخرى دليل آخر على أن النبي (ﷺ) ما كان يكتب وما كان يقرأ قال ابن كثير رحمه الله في تفسير آية سورة العنكبوت قال أي قد لبثت في قومك يا محمد من قبل أن تأتي بهذا القرآن عمرًا لا تقرأُ كتابًا ولا تحسن الكتاب بل كل أحدٌ من قومك وغيرهم يعرف أنك رجلٌ أُمّي لا تقرأ ولا تكتب وهكذا صفته في الكتب المتقدمة يقول ابن كثير دائمًا إلى يوم الدين لا يُحسن الكتابة ولا يخط سطرًا ولا حرفًا بيده بل كانت كُتّاب يكتبون بين يديه الوحي والرسائل إلى الأقاليم قال تعالى {وَمَا كُنتَ تَتْلُو} أي ما كنت تقرأ من قبله من كتاب هذا تفسير ابن كثير رحمه الله قال لتأكيد النفي وما كنت تتلو أي تقرأ من قبله من كتاب لتأكيد النفي ولا تخطه بيمينك تأكيد آخر وقوله تعالى {إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ } أي لو كنت تُحسنها القراءة والكتابة لارتاب بعض الجهلة من الناس فيقولون هؤلاء الجهلة إنما تعلم هذا من كُتبٍ قبلهُ مأثورة عن الأنبياء مع أنهم قالوا ذلك مع علمهم بأنه أُمّي لا يُحسنُ الكتابة قال الله عز وجل {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الفرقان 5] هم يعرفون أنه لا يقرأ ولا يكتب لكنهم افتروا عليه (ﷺ) بهذا الإفتراء.

والله عز وجل ذكر قصتهم أيضًا في قول الله وجل {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة 2] في سورة الجمعة قال القرطبي رحمه الله قيل الأُميون الذين لا يكتبون كذلك كانت قريش، فالله عز وجل بعث (ﷺ) في الأُميين في قريش هم لا يقرأون ولا يكتبون وقال تعالى {رَسُولا مِنْهُمْ}؛ يعني محمدًا (ﷺ) وكان أُميًا لم يقرأ من كتاب ولم يتعلم هذا كلام القرطبي – رحمه الله- في تفسيره، قال الماوردي فإن قيل ما وجه الإمتنان في أن بعث نبيًا أُمّيًا الله عز وجل يمتن على هذه الأُمّة بأن بعث فيها نبيًا أُميًا يقول الماوردي ما هو وجه الإمتنان؟ الجواب عنه قال من ثلاثة أوجه هذا كلامه ذكره القرطبي في تفسيره في سورة الجمعة ثلاثة أوجه لإمتنان الله عز وجل على عباده في أن بعث محمدًا (ﷺ) نبيًا أُمّيًا:

  • الوجه الأول قال لموافقته ما تقدمت به بشارة الأنبياء، فالله عز وجل ذكر رسوله (ﷺ) في التوراة و الأنجيل أنه سيأتي نبيًا في آخر الزمان وهو أُمّيٌ فجاء محمد (ﷺ) وهو أُمّيٌ فما وافق ما جاء في الكتب السابقة هذا الوجه الأول.
  • والوجه الثاني لمشاكلةِ حالهِ لأحوالهم يعني قريش أُميّون لا يقرأون ولا يكتبون وهو منهم (ﷺ) من قريش فهو لا يقرأ ولا يكتب فيكون أقرب لموافقة قومه (ﷺ).
  • والوجه الثالث قال لينتفي عنه سوء الظن في تعليمه حتى لا يأتي أحد من الناس ويقولون لأنه يقرأ ولأنه يكتب نقل عن الكتب السابقة لا هو لا يقرأ ولا يكتب أتى من عند الله عز وجل بهذا الوحي.

 

يقول القرطبي -رحمه الله- تعليقًا على كلام الماوَردي قال وهذا كله دليل معجزتهِ (ﷺ) وصدق نبوته، كذلك بدء الوحي الذي مر معناه يدل على أنهُ (ﷺ) ما يقرأ قال ما أنا بقارئ، قال ابن حجر أي لا أُحسنُ القراءة ثلاث مرات يقول له قال لا أحُسنُ القراءة فقال الله عز وجل له {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق1] أي لا تقرأه بقوتك ولا بمعرفتك، ولكن بحول ربك واعانته فهو يُعلِّمك عز وجل، كذلك جاءت في الأدلة من السُنة أحاديث كتابة الوحي من قِبل الصحابة والنبي (ﷺ) جعل كَتب للوحي عشرة من الصحابة يكتبون القرآن لأنه (ﷺ) يكتب وفي حديث صلح الحديبية في الصحيحين أمر عليَّ -رضي الله عنه- أن يكتب بنود صُلح الحديبية، لأنه (ﷺ) لا يكتب لم يثبت أيضًا عن حديث واحد أنه كان يقرأ أو كان يكتب (ﷺ).

اقرأ أيضا:

شرح حديث صلصلة الجرس

شرح حديث أتدرون ما الغيبة

شرح حديث الحلال بين والحرام بين

شرح حديث اذا دخل اهل الجنة الجنة

ثلاث من كن فيه ذاق حلاوة الإيمان

 

وقول ابن عباس -رضي الله عنه- الذي مر معنا الذي ذكره القرطبي في تفسيره في سورة الأعراف قال ابن عباس كان نبيكم (ﷺ) أُمّيًا لا يكتب ولا يقرأ ولا يحسب وأستدل بقول الله عز وجل {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} هذه أدلةٌ على أن النبي (ﷺ) أُمّي (ﷺ) وهذا يدل على صدق نبوته (ﷺ) هذه المسألة في هذا الحديث نقرأ الحديث الرابع.

 

 

المُلقي  للحديث: عن جابِرَ بنَ عبدِ اللَّهِ الأنْصارِيَّ، قالَ: وهو يُحَدِّثُ عن فَتْرَةِ الوَحْيِ فقالَ في حَديثِهِ: بَيْنا أنا أمْشِي إذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّماءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي، فإذا المَلَكُ الذي جاءَنِي بحِراءٍ جالِسٌ علَى كُرْسِيٍّ بيْنَ السَّماءِ والأرْضِ، فَرُعِبْتُ منه، فَرَجَعْتُ فَقُلتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فأنْزَلَ اللَّهُ تَعالَى: {يا أيُّها المُدَّثِّرُ. قُمْ فأنْذِرْ} [المدثر: 2] إلى قَوْلِهِ {والرُّجْزَ فاهْجُرْ} [المدثر: 5]. فَحَمِيَ الوَحْيُ وتَتابَعَ

الشارح: نعم، هذا حديث جابر بن عبد الله الأنصاري -رضي الله عنهما- لأن هو جابر وأبوه عبد الله بن حرام الأنصاري أيضًا كان صحابيًا وتوفيَ شهيدًا -رضي الله عنه- والده عبد الله جابر بن عبد الله هو أخر الصحابة موتًا بالمدينة وله في صحيح الإمام البخاري تسعون حديثًا فهو من المُكْثرين من الصحابة في الرواية جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- وهو يُحدّث عن فترة الوحي يعني رسول الله (ﷺ) وهو يُحدّث عن فترة الوحي فقال (ﷺ) بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتًا من السماء فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فرُعبت منه.

يُخبرنا رسول الله أنه بينما كان يمشي سمع صوتًا من السماء فرفع رأسه إلى السماء فرأى الملك فرأى جبريل عليه السلام نفس الملك الذي جاءه بحراء جالسٌ على كرسي شاهد على كرسي ويحمل اللفظ على ظاهره بين السماء والأرض فرُعبت منه فزعتُ منه فرجعت أيضًا رجع إلى أهله (ﷺ) فقلت زملوني زملوني مثل المرة السابقة فأنزل الله تعالى {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5)} [المدثر : 1-5] فنزلت هذه الآية بعد ما فترَ الوحي في القصة الأولى في قصة هراء فترَ الوحي احتبس و انقطع الوحي ثلاث سنوات، ثم جاءت المرة الأخرى فنزلت هذه الآية بداية سورة المدثر إذًا يأتي من الناس من يقول أول ما نزل من القرآن {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} يقول بعد فتور الوحي أول ما نزل بعد فتور الوحي {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} لكن أول ما أُنزل من القرآن {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق : 1] هذا جمع بين الأقوال، ثلاث سنوات انقطع الوحي عن رسول الله (ﷺ) فحميَ الوحي وتتابع بعد نزول هذه الآية أمر لرسول الله (ﷺ) {قُمْ فَأَنذِرْ} بلغ هذا الدين فحميَ كثُر وتواتر وتوالى نزول الوحي بعد ذلك وماتت خديجة -رضي الله عنها- قبل أن تُفرض الصلاة قبل أن تفرض الصلاة هذا الحديث أيضًا فيه بيان أن الوحي أيضًا تمثّل لرسول الله (ﷺ) وهو على كرسيٌ بين السماء و الأرض ورآه رسول الله (ﷺ)على صورته نقرأ الحديث الثالث.

 

 

المُلقي للحديث: عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ الناسِ، وكان أَجْوَدَ ما يكونُ في رمضانَ حِينَ يَلْقاهُ جبريلُ، وكان يَلْقاهُ في كلِّ ليلة مِن رمضانَ فَيُدارِسُه القرآن، فَلَرسولُ الله صلى الله عليه وسلم أجْوَدُ بالخير من الريح المُرسَلة».

الشارح: بماذا استدل في الحديث السابق؟ استدل أهل السُنة والجماعة بأن القرآن كلام الله عز وجل بصوت وحروف، لأن جبريل عليه السلام نزل بهذا القرآن من ربه عز وجل بصوتٍ وحروف، لذلك سمعه النبي (ﷺ) بصوت جبريل عليه السلام فنزل بصوت وحروف، وهذه الحروف هي كلام الله عز وجل حقيقةً، فأهل السُنة يثبتون كلام الله عز وجل كصفه من صفاته عز وجل وأنه بصوت وحروف، قال في الحديث السادس وعنه عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال كان رسول الله (ﷺ) أجود الناس صفة خُلقية لرسول الله (ﷺ) وما أكثر صفاته (ﷺ) فعلينا أن نقرأ في شمائلهِ (ﷺ) ونتصف بصفاته، لأن الله عز وجل اختاره نبيًا رسولًا أُمّيًا فكان (ﷺ) أجود الناس أكثرهم كرمّا، أكثر الناس كرمًا وجودًا وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل عليه السلام وكان يلقاه في كل ليلةٍ من رمضان فيُدارسه القرآن فلا رسول الله (ﷺ) أجود بالخير من الريح المُرسله يعني أسرع للخير والجود والكرم من الريح المُطلقة.

اقرأ أيضا:

شرح حديث صلصلة الجرس

شرح حديث أتدرون ما الغيبة

شرح حديث الحلال بين والحرام بين

شرح حديث اذا دخل اهل الجنة الجنة

ثلاث من كن فيه ذاق حلاوة الإيمان

 

هنا جاء في الحديث يأتيه جبريل في كل رمضان يُدارسه القرآن قال أهل العلم يُستحب عرض القرآن على من هو احفظ منه والإجتماع عليه والإكثار من تلاوته القرآن بدليل أن جبريل عليه السلام يُدارس رسول الله (ﷺ) يُدارسه القرآن في رمضان.

نسأل الله عز وجل أن يُفقهنا وإياكم في ديننا ويحفظنا وإياكم من الفتن ويحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل شر وسوء ويحسن لنا ولكم الختام و أخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين

Scroll to Top